عندما نختار أن نكون رسامي أنمي، فإننا لا نختار طريقًا مفروشًا بالورود، بل طريقًا شائكًا مليئًا بالتحديات اليومية وهي من صعوبات الرسامين حول العالم. من الخارج قد يبدو الرسم مهنة ممتعة، مليئة بالإبداع والتسلية، لكن خلف الكواليس، هناك الكثير من الضغوط التي يعيشها الفنان في صمت. صعوبات الرسامين لا تتعلق فقط بالمستوى الفني، بل تمتد إلى الجوانب النفسية، الزمنية، والمالية، مما يجعل الأمر أشبه بنضالٍ مستمر للحفاظ على الشغف والهوية الفنية.
أحد أكبر التحديات التي تواجه رسامي الأنمي هو الانتقاد اللاذع. فمع تزايد منصات النشر الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح كل فنان عرضة لتلقي تعليقات مباشرة، بعضها يحمل النقد البناء، لكن الكثير منها يأتي بشكل جارح وغير مدروس. البعض يقلل من قيمة الرسمة فقط لأن النمط لا يعجبه، أو لأنه لا يتماشى مع ذوقه الشخصي.
اسمع قصتي و رحلتي و كيف نميت موهبتي
دعوني أحدثكم عن نماذج من صعوبات الرسامين و تحدياتهم و التي قد واجهت بعضها شخصياً
وهناك من يهاجم أسلوب الرسام أو يقارنه برسامين محترفين من اليابان بطريقة محبطة تمامًا. هذا النوع من الانتقاد قد يثبط من عزيمة أي رسام، خصوصًا من لا يزال في بداية الطريق، ويجعله يشكك في قدراته ويخجل من مشاركة أعماله مجددًا. ومع الوقت، قد يتحول هذا الضغط النفسي إلى سبب رئيسي في التوقف عن الرسم أو هجر الفن مؤقتًا.

بالإضافة إلى ذلك، نجد أن أحد تحديات و صعوبات الرسامين هو ضيق الوقت هو من أبرز العقبات. فرسام الأنمي لا يكتفي فقط برسم مشهد أو لقطة واحدة، بل عليه أن يرسم الشخصيات بزوايا متعددة، مشاهد كاملة، حركات معقدة، وتعابير وجه دقيقة.
وبين متطلبات الحياة اليومية، والالتزامات العائلية، والدراسة أو العمل، يجد الرسام نفسه في سباق دائم مع الوقت. بعض المشاريع تتطلب أشهرًا من الجهد المتواصل، خصوصًا إن كان الرسام يعمل بمفرده دون فريق يساعده. وهنا تبدأ المعاناة الحقيقية، إذ يجد نفسه مرهقًا، لكنه مضطر للاستمرار كي لا يخسر مشروعه أو جمهوره أو حتى مصدر دخله القليل.
متجري الإلكتروني فيه كل ما تحتاجونه كرسامين
ومن الضغوط الأخرى التي يواجهها رسام الأنمي، هناك تكرار الرسم بسبب الفشل في الرسم من أول مرة. فرسم الشخصيات وتحريكها ليس دائمًا يسيرًا، وقد يضطر الفنان إلى إعادة رسم المشهد أكثر من مرة بسبب خلل في التناسب، أو زوايا الحركة، أو تعبير الوجه. وغالبًا ما يتم رسم نفس الوضعية مرات متعددة إلى أن تصل للنتيجة المطلوبة.
هذه الإعادة المستمرة ليست مجرد عملية فنية مرهقة أو تحدي عادي ، بل هي أكبر صعوبات الرسامين التي يواجهونها عند الرسم حسب الطلب، بل تستنزف الكثير من الوقت والطاقة، وتؤدي أحيانًا إلى الإحباط وفقدان الحماسة. فالرسام لا يرى النتيجة النهائية إلا بعد ساعات طويلة من الجهد، وأي خطأ صغير قد يعيده لنقطة البداية.

لكن لعلّ أبرز صعوبات الرسامين هو الجانب المالي. فمع أن موهبة الرسم تتطلب سنوات من التدريب والمثابرة، إلا أن العائد المادي غالبًا ما يكون ضئيلًا جدًا. كثير من الرسامين يعملون على مشاريع طويلة دون مقابل، أو بمقابل رمزي لا يغطي حتى تكاليف معداتهم أو أوقاتهم.
البعض يعمل في رسم الطلبات الشخصية أو تصميم الشخصيات، لكن يجد صعوبة في إيجاد عملاء يقدّرون قيمة العمل الفني، فالسوق مليء بالمنافسين، والتفاوض حول السعر غالبًا ما يكون مرهقًا ومحبطًا. هناك من يضطر إلى قبول مشاريع بدفع قليل فقط لأنهم بحاجة للدخل، بينما يعلمون في قرارة أنفسهم أن العمل يستحق أكثر. وهذا الشعور بالظلم المالي ينعكس سلبًا على الرغبة في التطور، لأن الجهد المبذول لا يقابله تقدير كافٍ.
إلى جانب كل ذلك، يواجه رسامو الأنمي صعوبات في بناء اسم معروف وسط ساحة مزدحمة بالمواهب. الخوارزميات لا تنصف الجميع، ومن لا يمتلك مهارات التسويق أو الحظ في الوصول للجمهور، سيظل مجهولًا رغم جودة أعماله. هذا التحدي يعتبر من أكبر صعوبات الرسامين التي تواجهنا، مما يضيف عبئًا على الرسام الذي لا يريد فقط أن يرسم، بل عليه أن يكون أيضًا ناشرًا، مسوقًا، وناقدًا لنفسه في آنٍ واحد.

في النهاية، لا أحد ينكر جمال مهنة الرسم رغم المصاعب و صعوبات الرسامين و كل ما نعانيه. لكن الحقيقة التي لا تُقال كثيرا، هي أن هذه المهنة ليست سهلة كما يظن البعض. فكل رسمة تُنشر تخفي وراءها ساعات من القلق والتردد والتعديل المتكرر، وكل مشهد أنمي يمر بسلسلة طويلة من القرارات المتعبة والصبر الطويل. الرسام يخوض صراعات يومية في صمت: مع نفسه حين يشكك بموهبته، مع الوقت حين لا يسعفه لإنهاء ما بدأ، مع المجتمع الذي لا يفهم قيمة فنه، ومع السوق الذي لا يمنحه التقدير المادي الكافي.
ورغم ذلك، يستمر بالرسم. لأن الفن ليس مجرد مهنة أو هواية، بل هو شغف وهوية ومساحة شخصية يجد فيها نفسه، ويرى فيها العالم من منظوره الخاص. قد يتعثر، قد يتأخر، لكنه يعود دومًا إلى قلمه ولوحته، مدفوعًا برغبة عميقة لا تخبو. تلك الرغبة التي تجعل كل الصعوبات تهون أمام لحظة واحدة يكتمل فيها مشهده رغم صعوبات الرسامين التي قد يمر بها، أو يرى فيها شخصًا يتأثر برسمة صنعها من قلبه.
اترك تعليقاً