
عندما نختار أن نكون رسامين ، فإننا لا نختار طريقاً مفروشاً بالورود كما يُخيّل للجميع ، لأن الرسامين يواجهون الصعوبات و التحديات من أجل إثبات ذاتهم و فنهم في المجتمع، خصوصاً في مجتمعاتنا التي لا تعير فن الرسم الاهتمام المطلوب.
متجري الإلكتروني فيه كل ما تحتاجونه كرسامين
فعالم الرسم بالنسبة لنا ، عالمٌ يملؤه الفرح و الحزن ، السعادة و الألم ، الهناء و الشقاء، الألوان و السواد الحالك، فتعالوا نفضفض و لو قليلاً عما نعانيه ، لعلنا نجد آذاناً صاغية
انتقادات قاسية
أحد أكبر التحديات التي تواجه الرسامين ، هو الانتقاد اللاذع ،فمع تزايد منصات النشر و مواقع التواصل، أصبح كل رسام عرضة لتلقي التعليقات المباشرة على رسمهم ، لا أعني بذلك أننا فوق النقد ، و لكن المشكلة أنها تأتي من أشخاص قد يكونون حاقدين عليك ، لا يهمهم سوى تحطيمك.
لا يجيد الكثيرون النقد البناء الذي يدفع للأمام ، بل البعض يجيدون الانتقاص من الموهبة ، و الاستهتار بمشاعر الرسامين ، و المشكلة الأكبر إذا كانت تأتي من رسام مثلك يغار من نجاحك أو تفوقك.
مقارنات ظالمة
هناك جمهور كبير مهووس بالفن الياباني، و يرونه الأفضل عالمياً ، وهذا لا شك فيه ، لكن أين تكمن المصيبة، عندما يأتي من يقارن أسلوبك بأسلوب الانمي الياباني بطريقة محبطة جداً، الأمر الذي يثبط عزيمة الرسامين فوراً.
و قد لا ينتهي الأمر هنا ، فقد يأتي من يشكك بقدراتك ، و أنك لن تتحسن أو تصل لنمط الرسم الياباني مهما حاولت تقليده، على الرغم أن لكل رسام طابعه الخاص، و لا يوجد رسام يحب أن يقلد الآخرين.
ضيق الوقت
مَن منّا ليس مشغولاً بأمور الحياة، فالرسامون عادة يقضون وقت العمل أو الراحة في الرسم، و لكن التحديات تكمن في الوقت، فبين واجبات المدرسة و المنزل ، وبين إنهاء الرسومات، لا يكاد الرسامون أن يجدوا الوقت لأخذ قيلولة حتى.
خصوصاً لمن يعتمد على الرسم كمصدر دخل ، تجده معظم الوقت يعمل بلا كلل ، حتى يرسل اللوحة للعميل ، و بل قد يُطلب منه التعديل لاحقاً ، الأمر الذي يزيد المعاناة النفسية لكل رسام.
الجانب المادّي
لعل أكبر التحديات لرسامي الانمي و المانجا ، هو الجانب المادي بلا شك ، فكثيرون يعتمدون على الرسم لكسب لقمة العيش، صحيح أن الرسم يكون عادةً من المنزل ، الشيء الذي يعطي الحرية المطلقة في اختيار وقت الرسم و التسليم.
لكن لا يخفى على أحد أن التعامل مع الزبائن و طلباتهم و التغييرات التي يطلبونها بعد استلام الرسمة ، أمر شاق للغاية، بالذات أنهم يدفعون مبلغاً زهيداً لقاء رسمة تأخذ من الوقت الكثير، و لا يجد الرسامون مفراً من تلبية طلبات العملاء من أجل الاستمرار في جني المال.
اسمع قصتي و رحلتي و كيف نميت موهبتي
البحث عن الشهرة
إلى جانب ذلك ، يريد فناني الانمي بناء اسم معروف وسط الساحة التي تعج بالمواهب، فالخوارزميات لا تنصف الجميع ، خصوصاً الرسامين الصغار، لذلك يسعى كل رسام أن ينشر بشكل شبه يومي ليصل لجمهور أكبر.
ليس هذا و حسب، فحتى مع وجود الجمهور، فقد لا يجد الرسام التقدير الذي يرجوه منهم ، خصوصاً عندما ينشر رسمة عَمِلَ عليها لساعات ، أو مقطع متحرك أخذ منه أسابيع لإنجازه ، فيصاب بالإحباط الشديد ، و يشعر و كأن المجتمع لا يقدر موهبته.
في النهاية ، لا أحد ينكر جمال مهنة الرسم ، رغم التحديات و الصعوبات التي تصاحبها ، فهذا أمر وارد في أي مهنة حول العالم ، لكن الحقيقة التي لا تُقال كثيراً ، هي أن الرسم ليس سهلاً كما يظن البعض، رغم عالمه الساحر المليء بالألوان ، فهناك جانب مظلم.
و رغم ذلك سوف يستمر الرسم، لأن الفن ليس مجرد مهنة عابرة ، بل هو الشغف و مساحة شخصية لنا نحن الرسامين، حيث نجد أنفسنا، ومن خلاله يمكن أن نعبر عن كل شيء يدور في أذهاننا . آمل أن المقالة أعجبتكم اليوم و أنا ألتقي بكم قريباً إن شاءالله.