
لطالما كان تأثير الموسيقى يُحدثُ وقعاً كبيراً في عالم الانمي، و يُعتبر عنصراً أساسياً في أي عمل ، ليس فقط في الانمي، بل كذلك في الأفلام و المسلسلات، لأن لها تأثيراً كبيراً على المَشهد، لاسيما تلك التي تحتوي على العاطِفة أو الأكشن، و كنت أتأثر بِها ربما أكثر من القصة نفسها .
عندما أشاهد مشهداً مهمّاً في أي انمي ، أُركزُ كثيراً على الموسيقى المُستخدَمة ، و أرى مدى تناسقها مع المشهد أمامي، و هنا يكون التأثير أقوى ، فالمشهد المناسب مع الموسيقى المناسبة، يساوي إبداعاً بحدِّ ذاته، لأن تأثير الموسيقى أمرُ غاية في الأهمية في عالم الانمي و الكرتون.
الألحان تصنع الفرق
وجود الموسيقى في مشهد أو لقطة سريعة، ليس إضافة المقصود منها إخفاء ضجة أو صوت المحيط، بل هي أداء مكمِّلة و أساسية، ففي اللحظات الحزينة تعلق في أذهاننا تلك الألحان الهادئة ، و التي من خلالها نستشعر مشاعر البطل، و تعطيناً شعوراً غامِراً بالحزن الشديد، و هي الرسالة التي قد يُريد أي مؤلف موسيقيّ توصيلها للمجهور، جنباً إلى جنب مع كاتب القصة.
متجري الإلكتروني فيه كل ما تحتاجونه كرسامين
المشاهد القتالية لها قصة لوحدها ، لأن تأثير الموسيقى الحماسية ضروري للغاية، فهي ترفع مستوى المشهد ، وتزيد ترقُب المشاهدين نحو القتال المُستعِر بين البطل و الشرير، فقط تخيلوا معي مشهداً قتالياً فخماً من ناحية التحريك و الإخراج و الحوار، ولكنه خالي من أي ألحان أو موسيقى حماسية، كيف سيكون الوضع؟ قد يكونُ مملاً بعض الشيء، لذلك تلك الألحان المثيرة و الحماسية يجب أن تَحضُر بقوّة مثلها مثل التحريك.
اللحن المناسب في المكان المناسب
اختيار الموسيقى المناسبة للانمي الذي تعملون عليه، أمرٌ لا يجب أن تتركوه للصدفة، بل يجب أن يتم بعناية فائقة لتُناسب الجو العام للانمي ، فالألحان العشوائية التي توضَع هنا و هناك أثناء المونتاج ، ستُقلل جودة العمل ، وقد تُسبب الإزعاج في حال تم استخدام لحن حزين في مشهد مدرسي مثلاً، أو موسيقى صباحية في مشهد مسائي.
الألحان الكلاسيكية الناعمة ، مناسبة للانميات التي تحمل طابعاً تقليدياً، أي تلك التي تجري أحداثها في العصور القديمة، فمن غير المعقول استخدام الروك أن رول في انمي بطابع أوروبي غربي، بل من الأفضل استخدام معزوفات بالبيانو أو الكمان، و كذلك الأمر ينطبق على الانميات التي تكون بطابع عربي شرقي ، فالعود و القانون و الناي ، هي الأدوات الموسيقية المناسبة.
ولا أنسى أن أذكر لكم أن الموسيقى التصويرية لانمي “القناص” كانت وما زالت الأفضل بالنسبة لي، إذ كانت قادرة على جعل كل مشهد أكثر تأثيراً في طفولتي، وأظهرت تأثير الموسيقى في تحويل مشاهد المغامرة و الصداقة بين غون و أصدقائه، الأمر الذي جعلني أرتبط بشكل كبير بالأوستات حتى اللحظة.
لماذا صناعة المانجا العربية ضعيفة أهم عائق أمامنا
الألحان المناسبة يمكن أن تصنغ لحظات أو مشاهِد خالدة في ذاكرتنا، مثل وداع الشخصيات لبعضها البعض، أو حُزن البطلة على فقدان عملٍ كانت تحلم به ، وغيرها من المشاهد التي تحمل أهمية في أحداث القصة بالنسبة لشخصيات الانمي ، فهي تربِطنا بها دون أن ندرك.
الصمت أبلغ من الصوت!
أحياناً، يكون غياب العزف بنفس قوة وجوده، فاللحظات الصامتة و الخالية من الموسيقى و المؤثرات الصوتية ، يمكن أن تُشكل فرقاً بالنسبة للمُشاهِد، لأنها تترك الصورة تتحدث بمفردها دون الحاجة لدعامة موسيقية تسندها، و هنا يكمن ذكاء القائمين على العمل ، في اقتناص اللحظات المناسب التي يتم فيها تغييب الموسيقى.
هنا سنفهم أن غياب اللحن في مَشهد معين ، خيار مطروح، خاصة لمن لا يمتلكون مكتبة أصوات أو موسيقى مناسبة للمَشهد، فلذلك يمكننا اللجوء إلى الاعتماد على الصمت كبديل ممتاز ، وقد يُحدِث وقعاً على المتابعين يفوق وقعَ الألحان.
في النهاية، قد تكون الألحان أو ما يُعرف بالـ”أوستات” هي ما يُحبِب الناس بعمل معين، دون اكتراثهم للقصة أو الشخصيات، و هناك أعمال كثيرة طُبعت في ذاكرة محبي الانمي فقط من خلال الموسيقى وحدها، ولربما هي ما استطاع جلب المشاهِدين للعمل كاملاً.
أتمنى أنني اليوم تحدثت عن موضوع لا يعيره صناع الانميات أهمية ، أولا وهو تأثير الموسيقى في الانمي، ولن يتوقف الأمر هنا ،فهناك مواضيع أخرى سأكتب عنها ، لذا ألقاكم إن شاءلله.